السبت 28 ديسمبر 2024

قصه وعبرة

موقع أيام نيوز

وفعلاً استلم الضيف المبلغ، ومضى في حال سبيله حامداً شاكراً، ثم انفضَّ المجلسُ وخرج الحاضرون، وجميعهم متعجبون من هذا الماء الذي اشتراه شيخُهم بمئة دينار!!!
دخل الشيخ إلى مخدعه للنوم، ولكنّ الفضول دعا ولده إلى فحص القارورة ومعرفةِ ما فيها، حتى تأكد -بما لا يترك للشك مجالاً- أنه ماءٌ عاديّ!!
فدخل إلى والده مسرعاً مندهشاً صارخاً: يا حكيم الحكماء، لقد خدعك الغريب، فوالله ما زاد على أن باعك ماءً عادياً بمئة دينار، ولا أدري أأعجبُ من دهائه وخبثه، أم من طيبتك وتسرعك؟؟!!

فابتسم الشيخ الحكيم ضاحكاً، وقال لولده: 
يا بني، لقد نظرتَ ببصرك فرأيتَه ماءً عاديّاً، أما أنا، فقد نظرتُ ببصيرتي وخبرتي فرأيتُ الرجل جاء يحمل في القارورة ماءَ وجهه الذي أبَتْ عليه عزَّةُ نفسه أن يُريقَه أمام الحاضرين بالتذلُّل والسؤال، 
وكانت له حاجةٌ إلى مبلغٍ يقضي به حاجته لا يريد أكثر منه. 
والحمد لله الذي وفقني لإجابته وفَهْم مراده وحِفْظِ ماء وجهه أمام الحاضرين. 
ولو أقسمتُ ألفَ مرّةٍ أنّ ما دفعتُه له فيه لقليل، لما حَنَثْتُ في يميني. إن استطعتَ أن تفهم حاجةَ أخيك قبل أن يتكلم بها فافعل،
فذلك هو الأجملُ والأمثل... تفقَّدْ على الدوام احبابك، فربما هم في ضيقٍ.